ولدت "الجبهة الوطنية لحماية الدستور والقانون" منذ اسبوع وعقدت لقاءها الأول في دارة رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون في الرابية، وأصدر المجتمعون بياناً أكدوا فيه "حيادية اللقاء واستقلاليته ورصده المخالفات والاشكاليات القانونية والدستورية”. كيف ولدت الفكرة؟ من تضم؟ ما دورها والغاية منها؟ ولماذا انعقد الاجتماع في الرابية ما دام اعضاء الجبهة حياديين؟
على أثر التمديد الذي طاول مراكز ومواقع حساسة في الدولة واعتراض "تكتل التغيير الاصلاح" عليها، وكان أبرزها تمديد ولاية مجلس النواب، تقدّم التكتل بمراجعة إبطال قانون التمديد لمجلس النواب أمام المجلس الدستوري وانكفاء 3 أعضاء عن حضور الجلسات، وبالتالي افقاد النصاب وامكان اتخاذ القرار، اعتبر التكتل انه قد تمّ شلّ قدرة سلطة دستورية ذات صفة قضائية على إعمال رقابتها على دستورية قانون بأهمية قانون التمديد.
وزير العمل سليم جريصاتي يقول لـ"النهار" ان هذا الأمر كان بمثابة جرس الانذار الأساسي. "كانت هناك اشارات سابقة عدة الى مخالفات قانونية معينة، لكن الاساس كان عندما عجزت سلطة الرقابة عن إعمال رقابتها على قانون بهذه الأهمية، ثم توالت فصول التمديد حتى وصلت الى بعض المراكز العسكرية الحساسة، وبصورة ملتبسة قانونياً، وكنا قد أشرنا الى الوسائل التي يجب اعتمادها في حالات كهذه، الى مسألة تصريف الأعمال والممارسات الشاذة التي رافقتها، من موافقات استثنائية وشلّ قدرة السلطة التنفيذية على الاجتماع في هيئة مجلس الوزراء على رغم توافر عناصر الضرورة والعجلة، واسقاط المهل العامة والخاصة، وهي حالات تبرر الخروج عن تصريف الاعمال بالمعنى الضيق واتخاذ القرارات الملائمة للتصدي لمثل هذه الظروف الاستثنائية، الا ان رئيس مجلس الوزراء لا يجمع مجلس الوزراء على رغم وعده بجمع المجلس بموضوع مرسومي النفط والنزوح السوري الكثيف والمتفلت من اي ضوابط وموضوع الأمن... هذه الامور وتماديها وتكرارها جعلت العماد عون يطرح في جلسة من جلسات التكتل فكرة اطلاق جبهة لحماية الدستور والقانون".
جريصاتي يؤكد انه تلقف ووزير العدل شكيب قرطباوي هذه الفكرة "الى حدّ المصادرة، من دون أن ننكر أبوّتها، واستأذنت العماد عون ان أبادر الى اطلاق ما يسمى "الجبهة الوطنية لحماية الدستور والقانون"، على أن تكون هيئة من هيئات المجتمع المدني الاكاديمي البحت للتصدي لظاهرة التمادي في تجاوز الدستور والقانون وشل قدرة السلطات القضائية الرقابية في إعمال رقابتها". فتوالت الاتصالات بشخصيات أكاديمية من اساتذة الجامعات المتمرسين في القانون العام وبعض قدامى القضاة الذين مارسوا القضاء الاداري أو الدستوري أو شاركوا في جلسات تحديث القوانين وتطرقوا الى بعض وسائل القانون العام كإنشاء مجلس الشيوخ، والى بعض مديري مراكز البحوث وبعض أصحاب المشورة في تعاطي الشأن العام لملازمتهم مسؤولين كبارا في الدولة.
ويشدد جريصاتي على حرصه والوزير قرطباوي على "ان تكون هذه المرجعيات منعتقة أقله من ظاهرة التجاذبات الحادة بين 8 و14 آذار. ولم ننظر في اي لحظة الى اي انتماء سياسي لهؤلاء. يكفي النظر الى الاسماء للتأكد من التجرد العلمي. علماً ان لا حياديين بالمطلق في لبنان، الا انهم لم ينشطوا يوماً في صفوف 8 آذار ولا ينتمون الى "التيار الوطني الحر" او الى اي من مكونات ما يسمى 8 آذار. وتأكيداً على الاستقلالية، حرصنا على نقل مكان انعقاد اللقاء الى "مركز عصام فارس"، لان السفير السابق عبدالله بو حبيب عرض انعقاد الاجتماعات في المركز، والجبهة مفتوحة على الكفاءات، ونحن منفتحون على انتساب اي عضو تتوافر فيه الشروط القانونية الاكاديمية المطلوبة".
تأطير العمل
ثمة تعليقات على انعقاد الاجتماع الأول في دارة النائب العماد عون رغم تأكيد الاستقلالية، ويبرره جريصاتي بمنطلقين: "الاول، ان نفي هذا الزعيم حقه في أبوّة هذه الفكرة، وثانياً لأننا نريد الاستماع الى مآخذ عماد التكتل في الموضوع الدستوري والقانوني وانتهاك المبادئ الدستورية والقانونية المتمادية في لبنان. وهذا ما حصل، وصدر البيان ليعبّر بدقة عما حصل في الجلسة بإجماع الحاضرين".
أما الاجتماعات اللاحقة فستعقد وفقاً لجداول أعمال محددة مثل تصريف الاعمال، الموافقات الاستثنائية، تشكيل الحكومة، قانون الانتخاب، الوثيقة والدستور والامور الرمادية التي تحتاج الى تفسير او اضاءة في كل من النصين. وستكون دورية او غب الطلب اذا ما طرأ ظرف او طلب احد المرجعيات رأي الجبهة، وسيكون موضوعا التمديد والتصريف في جدول أعمال الاجتماع المقبل. "وقبل كل شيء سنبادر الى تأطير عملنا بإنشاء منسقية لجدولة الاجتماعات ومواضيعها وادارة المداولات. فكل استشارة او مساهمة ستكون علنية بمعنى اننا سنتوجه الى الشعب اللبناني لنقول له هذه هي الحلول الدستورية لهذه المسألة، مما يشكل وسيلة ضغط كبيرة من جماعة متمكنة من علمها القانوني ومجردة من اي غاية اخرى، من طريق المعرفة والاضاءة على مكامن الخلل"، وفق جريصاتي، الذي يشدد على ان "هذه الجبهة لن تتحول سلطة او هيئة من خارج سلطات الدولة ومؤسساتها مثل هيئة الحوار او اللجنة النيابية المستقلة. بل هي تنتمي الى المجتمع المدني الاكاديمي، ولا تسعى الا الى قول الحق كما هو منصوص عنه في القانون والدستور".
أعضاء الجبهة يعولون كثيراً عليها في كشف الممارسات الخاطئة او الهجينة او الخطأ المتمادي او العرف الزائف، "ووضعنا حداً بطريقة او بأخرى لما يسمى التفلت من المسؤولية المعنوية عندما تتمادى الممارسة الخاطئة. ما نتوقعه من هذه الجبهة فضح الممارسات الشاذة على جميع الاصعدة في حياتنا العامة وتعاطينا الشأن العام، مما يحسّن الاداء او يشير الى مكامن الخلل ويعيد الامور الى نصابها القانوني الصحيح. حان الوقت كي يأتي صوت من خارج الظلام او الجهل او التجاهل او قرقعة السلاح أو كلام التخوين او التجاذب او الاتهام، كي نقول كلاماً قانونياً بحتاً"، يقول جريصاتي.
أعضاء الجبهة
تضم "جبهة حماية الدستور" الوزيرين شكيب قرطباوي وسليم جريصاتي، الوزير السابق جورج قرم، القضاة السابقين لبيب زوين وسليم سليمان وفوزي أبو مراد، السفيرين السابقين عبدالله بو حبيب والدكتور جوي تابت، والأساتذة في القانون العام لارا كرم بستاني وكميل حبيب وعقل عقل ومارون يزبك وخالد الخير وعصام اسماعيل والمهندس حيان حيدر، والدكتورين فاديا كيوان ووليد عبد الرحيم اللذين تغيبا عن الاجتماع الأول.